الاتجاه شرقاً
في
فترة حرب أوكرانيا ظهرت الوجوه الحقيقية التي كانت تستتر خلف عمل سينمائي مبهر ،
أو مسلسل جميل ، أو خلف أغاني عاشت زمناً وتربعت في قلوب الناس. ظهرت امريكا
وحلفاؤها بدون ميكاج مثل وجه دراكيولا.
بداية لابد أن
نفهم لماذا تريد الولايات المتحدة اطالة أمد الحرب على حساب الشعب الأوكراني
مستغلين ذلك الممثل الهزلي الذي يتولى حكم أوكرانيا ، ففي التوضيح معاني كامنة
تفضح استراتيجية امريكا في عهد بايدن وحزبه المجنون بالأفكار الشاذة.
من أهم أسباب
اطالة الحرب ماهو معلن مثل استنزاف القدرات العسكرية لروسيا ، واستنزاف اقتصاد
روسيا ، وكشف المتحالفين مع روسيا ، وخلق مناخ تعبوي عند روسيا وحلفائها بهدف
تعطيل منظومة التنمية المستدامة لدي المعسكر الشرقي.
أما غير المعلن فهو ينتمى الى المساحة الشيطانية التي يتبناها الحزب الديموقراطي
الامريكي لشغل الحكومات الغربية بخطر وهمي من اجل مزيد من الاخضاع والسيطرة لسلطة
الحزب الديموقراطي الذي يتبنى سياسة زرع الفتن في كل بقعة على الكرة الأرضية من
أجل استثمار أي نزاع داخلي أو خارجي في اي بلد وفقاً لمصالح هذا الحزب فقط ، حتى
أمريكا نفسها لا تستفيد من أي سياسة خارجية للحزب والمستفيدون فقط هم الشركات
التابعة للحزب سواء كانت شركات سلاح أو مخدرات أو مرتزقة وحرب بالوكالة أو حتى
الشركات الاعلامية التي تعد شريكاً مهماً في البروباجندا الخاصة بأفكار الحزب.
ثانيا: اشغال
المواطن في العالم الغربي بقضايا وهمية ومعارك مختلقة تجنباً للثورة على الأوضاع
المتردية اقتصادياً وخدمة لقادة المتحالفين مع امريكا بحزبها الشيطاني.
ثالثا: الايحاء
بضعف الدول والشعوب التي تدخل ضمن سيطرة امريكا ، من خلال بث الرعب في نفوسهم
بعلومات استخبارية مغلوطة تطرح من خلال الاعلام الغربي وتبث للناس على أنها
تحليلات سياسية ورؤى استراتيجية من خبراء وهم في الحقيقة عملاء لاجهزة الاستخبارات
الأمريكية والبريطانية. وبذلك تخلق امركيا لدى الحليف احساس مزيف بالضعف والحاجة
الى التمسك بحلف الناتو كسند عسكري يمنح الأمان .
رابعاً: بث
معلومات مزيفة عن أوضاع الأعداء المباشرين أو غير المباشرين مثل تداعي اقتصاد
روسيا ، أو مشاكل حقوق الانسان في دول الشرق الأوسط ، أو تهاوي اقتصاد دولة ما
تريد امريكا اخضاعها للسيطرة .. كل ذلك أيضاً يتم على مستوى غرف الاستخبارات وتمنح
المعطيات لأجزة الإعلام التي تعرف كيف تقوم بدورها في تزييف وعي الجماهير.
اريد أن يكون
المقال مكثفاً ودسماً واحاول أن لايكون معقداً ، سهل الفكر واللغة ولكن الأمر يفلت من
يدي بفضل الديالكتيك الأكاديمي.
على كل حال ، يجب أن نرصد في الجزء المتبقي كيف افلتت بعض الدول من هيمنة
الاستعمار الفكري الغربي ( الامبرالية ) بفضل الدياكتيك والجدل الايحابي. والبحث
عن حلول وطنية خالصة خارج الصندوق الغربي.
مصر : منذ انتخاب الرئيس عبد الفتاح السيسي شقت
مصر طريقاً واضحاً وهو الرغبة في تنمية بلد شارف على انهيار البنية التحيتة
ومنظومة الخدمات، حيث وضع الرئيس السيسي في حساباته معادلة اكتشاف طريق الحصول على
المال اللازم لمنظومة المشروعات التي تعمل عليها ادارته، بعيداً ( بشكل ما ) عن
سيطرة المال الغربي وبنوك الديون، مستنداً على بعد عربي خالص يثق في أنه سيتوافق
مع رؤيته، ثم بعد ذلك مرحلة تدوير الصناعات والثروات المحلية التي يجب ان تأتي
بالمال اللازم لسد الديون ثم توفير ارباح تغطي احتياجات الدولة المصرية في مسار
النهضة الصناعية والغذائية والمائية والكهربائية وملستزمات أخرى كالطرق والمساكن
مع مراعاة البعد الاجتماعي والانساني للمواطن المصري وهي معادلة شاقة وفيها جهاد
كبير ، ولكن ارادة الامة المصرية انتصرت انتصاراً جباراً تلاقي مع منظومة ناشئة
اسمها ( مبادرة الحزام والطريق ) التي تتبناها الصين من اجل تسهيل التجارة والصناعة
والتنمية في الصين ومن ثم بقية مسار طريق الحرير ، حيث كان من المفترض أن تستغل
الصين قناة السويس فقط لتمرير السفن التجارية وينحصر دور مصر على رسوم العبور
والتي قد لاتتناسب مع طموح مصر الجبار للخروج بالمجتمع الى الرفاهية والمستوى
العالمي.
لهذا كان عمل
حكومة الدكتور مصطفى مدبولي ليل نهار على استكتشاف معطيات أخرى تضاف الى طريق
الحرير ( قيمة مضافة ) فكان الفكر من كل أجهزة
الدولة والعمل ليل نهار على خلق عملية جذب للاموال للاستثمار ، منها بناء المدن
الجديدة وطرح مناطق استثمارية ضخمة وعالمية وفريدة مثل المنطقة الاقتصادية لقناة
السويس ، وتمهيد أراض جديدة في المدن الصناعية التقليدية مثل اكتوبر والعاشر من
رمضان وقليوب والسادات والنوبارية ، واحياء مشروع توشكى ، وبناء العلمين والعاصمة
الجديدة وغيرها من المشروعات الضخمة ذات البيئة الجاذبة ، مع الاخذ في الاعتبار أن
قوانين الاستثمار كانت لا تتماشى مع معطيات العصر فتم تحديث القوانين بالتزامن مع
تحديث أليات العمل والتراخيص وغيرها ، مما شجع المستثمر العربي والأجنبي على
الدخول في شراكات مع الدولة المصرية أو العمل بمفرده في مصر.
السعودية
نموذج مصر يتزامن
مع نموذج السعودية في فكر الأمير محمد بن سلمان الذي خلص المجتمع من افكار تقليدية
رجعية مستقرة وكان اول القرارات هو السماح للمرأة السعودية بقيادة السيارة وسمح
للنساء بالمشاركة في المحافل الرياضية المحلية والدولية بل وحل شرطة الرقابة
الدينية وفي المجال الاقتصادي تضَاعُف أصول صندوق الاستثمارات العامة لتصل
إلى نحو 1.5 تريليون ريال في عام 2020م بعد أن كانت لا تتجاوز 570 مليار ريال في
2015م.
وشجع على الاستثمار في مجال الظاقة المتجددة وكثير من الأفكار الخلاقة التي جعلت
المملكة تتحرر من قيود اجتماعية موروثة أصبحت معوقة لحركة تطور المجتمع ومواكبة
العصر سواء في مجال التعليم والاستثمار البشري أو البناء والتعمير أو عمل مشروعات
تنموية ضخمة مثل مدينة نيوم العصرية التي ستعد مدينة توطين تكنولوجيا متقدمة في
القريب العاجل.
5 زيارات لمحمد بن سلمان لمصر
خلال كل زيارة كان بن سلمان والسيسي يتقاربان أكثر وأكثر في الرؤى وفي الدافع
الوطني والرغبة في اصلاح وتطوير السعودية ومصر ، ففي ابريل 2016 تم توقيع 21
اتفاقية بين مصر والسعودية أهمهم هي انشاء منطقة تجارة حرة في سيناء ، سيناء التي
تتمتع بموقع وسط بين اسيا وافريقيا واوروبا وفي قلب الشرق الأوسط وتتوفر بها
مساحات شاسعة لانشاء المصانع والمجمعات التجارية والمطارات والمدن التجارية
والسكنية، فهي رئة جديدة تضاف الى حركة التجارة العالمية.
وأخيرا وصلنا الى اللقاء الذي جمع الرئيس الصيني جين تشي بينج مع ملوك
ورؤساء الدول العربية ، فقد الهمت المملكة العربية السعودية العالم بدعوة رئيس
الصين ومعه وفود تجارية وصناعية وخبراء في كافة المستويات الى عمل اتفاقيات بين
الصين والمملكة تكون رائدة لكل من يريد الشراكة مع جمهورية الصين.
وبشكل عام ، ومن خلال تحليل الخطب التي القيت وجدنا أن الصين لديها رغبة مؤكدة
وصادقة لمساعدة الدول العربي والأفريقية على التنمية وفتح أفاق تعاون تجاري بل
وحضاري وثقافي كما ينص دستور مبادرة ( الحزام
والطريق ) على تعدد مستويات
الشراكة والتعاون.
خرج المؤتمر بعد لقاءات مكثفة وموسعة أو مغلقة بأفق كبير وأمال أكبر من حيث
قدرة الدول العربية على كسر حالة الاستقطاب الغربية والاتجاه شرقاً بحثاً عن شراكة
حقيقية لا تفرض شروطها على التعاون ولا تتدخل في الشئون الداخلية لدول العالم
العربي ، شراكة قائمة على الندية والاحترام المتبادل من اجل منفعة الجميع .
ويمكن تلخيص أهم مخرجات القمة العربية- الصينية من وجهة نظري
1- كسر حالة الامبرالية أي الاستعمار الفكري الغربي
2- الخروج من عباءة الاستعمار
المالي بالاستغناء عن الدولار بشكل جزئي والتعامل
بين أعضاء مجموعة البريكس بعملات دول المجموعة
وفي هذا الصدد "أخبر الرئيس
شي جين بينغ زعماء دول الخليج العربية أن الصين ستعمل على شراء النفط والغاز باليوان
، وهي خطوة من شأنها أن تدعم هدف بكين لترسيخ عملتها دوليًا وإضعاف قبضة الدولار الأمريكي
على التجارة العالمية". المصدر وكالة رويترز
3- قبول مصر والسعودية والامارات في مجموعة البريكس الاقتصادية وكانت
أول خطوة هي قبول مصر في بنك التنمية التابع للمجموعة
وهناك مخرجات اخرى لم اعرفها ولكن في اعتقادي
الشخصي لو تحققت هذه الثلاث مخرجات فقط في القريب فسوف يكون نجاحاً مبهراً يعود
على المنطقة العربية بالخير من أجل مصالح الشعوب التي عانت من الاستعمار الفكري
الممنهج من قبل الغرب وامريكا وبقراءة اقتصادية يمكن القول إن تحويل الاتجاه هذا
قادته مصر في فترة حكم الرئيس جمال عبد الناصر عندما كان يطور العلاقات مع الاتحاد
السوفييتي ويتعاون معهم في بداية مشوار ثورة 23 يوليو مثل التعاون في بناء قدرات
الجيش المصري وتنويع مصادر السلاح وبناء السد العالي والمصانع الحربية وكثير من
اوجه التعاون المثمر لكن تغيرت البوصلة في عهد الرئيس السادات لأهداف استراتيجية
كانت ملحة في ذلك الوقت كأن تقوم أمريكا بدور في تمهيد علاقة مصرية اسرائيلية
تضمنها الولايات المتحدة وقد رددها السادات في كثير من خطبه أن 99% من أوراق اللعب
في يد امريكا ، لكن الولايات المتحدة اشترطت طرد الخبراء السوفييت وفك الشراكة
وتفكيك الاتحاد الاشتراكي كمنبر حزبي سياسى وحيد ، وتحويل اقتصاد مصر الى اقتصاد
السوق الحر وغيرها من الشروط التي غيرت الكثير من بنية المجتمع المصري .
لم يكن العرب مستعدون أيضا لمسايرة عبد
الناصر في خطواته نحو الاشتراكية مع الاتحاد السوفييتي حيت كان البترول يذهب الى
الغرب بأسعار لايمكن مقاومتها ومن امواله يقوم الخليج ببناء بلدان جديدة وخلق حياة
أخرى لشعبه الذي عاش طويلا يعاني الاستعمار والاحتلال وتعطيل التقدم والتنمية.
هكذا ، سرنا كلنا نسمع من أمريكا والغرب
وننفذ ، حتى أن نصر اكتوبر لم يتم استثماره بشكل افضل وبعضهم أنكر دور السلاح
الروسي في حسم المعارك ، وكان ذلك كانه سيناريو إلهي يقودنا الى نصر أكبر من عند
الله.
لقد أعلنت الصين عن مباردة الحزام والطريق
التي تحاول من خلالها إعادة احياء طريق التجارة القديم المسمى بطريق الحرير ، وكان
ذلك بداية من العام 2017 عندما قرأت عن المبادرة لأول مرة باللغة الصينية وذهبت
لترجمة النصوص القصيرة التي حصلت عليها ولكنها لم تكن تشرح باسهاب أو تفاصيل إلى
أن حصلت على مقال باللغة الصينية عام 2019 وبعد الترجمة وجدت صعوبة بالغة في تصور
شكل التجارة التي تطرحه الصين بينما ظهرت بعد ذلك مقالات باللغة الانجليزية توضح
ماذا تعني الصين بطريق الحرير وكيف سيخدم التجارة والصناعة في بلدان أخرى غير
الصين.
وانضممت الى قائمة كتاب موقع ( الحزام والطريق ) ولم اكتب
مقال واحد لأن معظم المقالات التي تنشر كانت مقالات اقتصادية تشغى بالارقام
والاحصائيات والبيانات والرسوم البيانية والنسب المئوية وبما انني غير متخصص في
الاقتصاد فسوف يتطلب مني جهداً كبيراً في تحصيل المعرفة وعندما طلبوا مني كتابة
المقال الأول تهربت أكثر من مرة ولما كان الأمر ملزماً لأستمر ضمن قائمة الكتاب
الاقتصاديين الكبار اخترت اسهل الطرق وابسطها ، أن تشرح للناس ماهي المبادرة وكيف
ستعود على المواطن البسيط الذي يعمل في مصنع صغير ( صناعات صغيرة ومتناهية الصغر )
وكيف سيعود عليه الخير والربح من مبادرة الحزام والطريق، ولماذا يجب عليه ربط
اقتصاد مصنعه أو مشغله باقتصاد وطنه ؟
انطلقت من الخاص الى العام وربط المصالح
الخاصة بالمصالح القومية حتى خرج المقال وهذا الاختلاف هو ماميزني عن بقية الكتاب
والمفكرين والمنظرين ، وتم اعتمادي .
ماذا يريد العرب مقابل مايعطون ؟
حقيقة إن خطب بعض الزعماء العرب في
القمة العربية – الصينية كانت سياسية وأمنية وبعيدة كل البعد عن جوهر مبادرة
الحزام والطريق ، البعض اعتقد أنها قمة عربية طارئة فراح يطلب أموال وأمن واسترداد
أرضه ومعاقبة المعتدي بل وتعويضات بأثر رجعي وكل هذا لايهم الرئيس الصيني بشكل
مباشر ، حيث لاتعد مبادرة الحزام والطريق تكتل سياسي أو حلف عسكري ، وكان على
كتبة الخطب للزعماء ادراك الابعاد التنموية والاقتصادية بعيدة المدى التي يمكن
للصين ودول الحزام والطريق التعاون المثمر فيها بدلاً من اضاعة الوقت في خطب رنانة
مكانها مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة.
الوطن العربي يبحث عن تنمية مستدامة وكثير من البلدان العربية تحتاج الى تحديث
البنية التحتية كما تفعل السعودية ومصر حالياً ، والكثير من هذه الدول يحتاج الى
مساعدات في تنمية القوى البشرية المنتجة داخل المجتمع مثل الصناعات الصغيرة
والصناعات متناهية الصغر التي تهتم بها الصين وتفوقت على العالم فيها ، وبالتالي
يمكنك أخذ الخبرات والخبراء وتأسيس صناعات صغيرة في بلدك ، وما اكثر الحرفيين
الذين يشغى بهم المجتمع العربي ويمارسون المهن دون علم ، فأمامك فرصة ذهبية لجلب
خبراء من الصين لتدريب هؤلاء الخرفيين على الصناعات والحرف.
يحتاج العالم العربي الى خبرات زراعية ومائية
بحكم الجغرافيا والصحراء الواسعة ، وتمتلك الصين خبرات كبيرة في مجال الاستصلاح
الزراعي وتنوع المحاصيل والصناعات الزراعية سواء كانت صناعة ماكينات تستخدم في
الزرع والحصد والري وغيرها أو صناعة تقوم على المنتج الزراعي، وكنا نتمنى أن يتم
طرح فكرة بروتوكول تعاون في هذا المجال.
مصر والسعودية والامارات مؤهلون لاستقدام
صناعات ضخمة ، فمصر مثلا قطعت شوطاً كبيراً في صناعة الاجهزة الألكترونية كأجهزة
التليفزيون والثلاجات والغسالات والأفران والسخانات وهي لازمة لكل بيت ويمكن أن
يتم نقل هذه الصناعات الى دول عربية أو افريقية بتعاون مصري صيني ، ومصر أيضا قطعت
شوطا في تجميع وانتاج السيارات الكورية واليابانية والصينية وحتى الألمانية ذات
السمعة العالمية وهو مايسمح لها بتقديم خبرات الى افريقيا بالتعاون مع الصين.
أهم مايمز الصين حاليا هو الصناعات الحربية
والتقنية التي تستخدم فيها تكنولوجيا الأقمار الصناعية والتحكم عن بعد كالرادارات
والطائرات وسفن الفضاء والاقمار الصناعية نفسها وهو ايضا مجال كبير قطعت الامارات
والسعودية ومصر أشواطاً لا بأس بها فيه، ويمكن تصدير هذه التقنيات أو مخرجاتها الى
دول أخرى بالتعاون مع الصين.
يقولون أنهم سيفتحون مدارس وجامعات للغة
الصينية ، وهو موضوع مبهم وغير مبرر ، فأنت تفتح مدرسة لتعليم اللغة الصينية فقط
من أجل ان تقول لدي عدد من الناس يتحدثون الصينية ؟
لماذا لاتجعلها مدرسة حرفية يتعلم فيها الطالب اللغة الصينية وحرفة في أن واحد !!
فالصين شقت العالم نصفين بالتجارة
الالكترونية مثلاً لأن لديها منتجات ، بينما أنت لاتنتج اي شئ ، وبالتالي فأي موقع
تجارة الكترونية سيبقى مجرد موقع بيع مستوردات ويستفيد منه صاحبه في العمولة فقط .
فلو كان عندك انتاج فلك أن تتخيل حجم الأموال المتدفقة .
أذن فالشراكة مع الصين لايجب أن تقوم على
تقديم مساحة من الارض لانشاء مصنع للكراتين أو تعليب الفاكهة ، فهذه ليست تنمية
صناعية ، ولاتحسب ضمن الناتج القومي كرقم مهم .
استغل الصين كما ينبغي ، احتراماً لعقول الصينيين وخدمة تنموية حقيقية ومستدامة
لمجتمعك المحلي ، خدمة تبقى مع الزمن ، صناعة تدر أموالا دائمة .
في نيجيريا استثمر صيني في التعدين ، فاكتشف خام الفوسفات وكان المصنع يقوم بتصدير
كميات كبيرة تدر أموالا ضخمة ولكن عقلية المجتمع المحلي تربت على التفكير بالطريقة
الغربية فطلبت تطبيق شروط العمل بالطريقة الغربية مما جعل المستثمر يهرب ، وهنا
نتوقف عن نقطتين:
الاولى : أن المستثمر الصيني لم يدرس المجتمع
المحلي الافريقي وكان يحتاج الى وسيط مثل شركة مصرية قريبة من الشعب النيجيري في
العادات والتقاليد كوسيط
الثانية : أن الشركات المصرية والسعودية
والاماراتية عليها دور كبير في لعب دور الوساطة واستقدام شركات صينية لدخول
المجتمعات الأفريقية
البنية التحية أساس طريق
الحرير
ومن هنا ننطلق الى تجهيز شبكة الطرق التي
تقوم بها مصر حالياً لخدمة التجارة الداخلية والعالمية ، فمصر بطبيعة الحال في
موقع متميز الى افريقيا وشمال أفريقيا . ولنا ان نذكر المصريين بأن ( طريق الحرير المصري
) هو الطريق الذي سينطلق من القاهرة الى كيب تاون ف يجنوب أفريقيا قد قطعت
مصر فيه مشواراً مهماً حيث شقت الجبال والصخور عبر دول وقرى وقبائل وغابات وبحيرات
وأوجدت مسارات للتجارة البرية التي ستلعب فيها مصر دورا محورياً بين الشرق وبين
أفريقيا.
ملاحظة : قمت بكتابة وانتاج مسلسل درامي موجود على يوتيوب في 15 حلقة يدور حول شق
مصر لطريق من القاهرة الى كيب تاون ولينك المسلسل هو:
https://www.youtube.com/watch?v=zD62nIlY8eE
إن مصر تعمل في صمت مع دول القارة في تنزانيا مثلا وكلنا يعرف أنها بنت سد
ضخم لتنزانيا وتبني عدة سدود أخرى لتوليد الطاقة مما يسمح لأي مستثمر أن ينشئ
صناعات محلية في دولة تنزانيا بالاضافة الى التنمية المحلية وتوليد الكهرباء للشعب
التنزاني.
وقد نسمع بعد فترة عن شق نهر من العدم في
الكونغو ، تتدفق منه المياه الى مصر والسودان حتى لا تتوقف الحياة بفعل فاعل
بانشاء سد اثيوبيا الذي بني لكي يحجب النيل عن مصر عن عمد. ولكن مصر لم تعجز عن
ايجاد الحلول الأخرى بصرف النظر عن صلاحية سد أثيوبيا من عدمها.
يتبقى جسر الملك سلمان الذي يربط بين مصر
والسعودية براً ، وهو مرتكز حيوي للتجارة العالمية مثلما هو خدمة مهمة لمزيد من
الروابط بين الشعبين المصري والسعودي، وننتظر اللحظة التي يعلن فيها الرئيس السيسي
والملك سلمان حفظهما الله عن بداية العمل في جسر الملك سلمان.
الاتجاه شرقاً ليس خياراً
تكتيكياً ، بل هو ضرورة
حيوية لفتح أفاق التنمية المحلية في العالم العربي ، وخلق رئة تنفس لأفريقيا واسيا
بل واوروبا أيضاً باعتبار أن الجغرافيا ممتدة ومتشاركة بين دول القارات الثلاث ،
وهو مايحتم على أوروبا التخلي عن التبعية الأمريكية والنظر الى المصالح الحيوية
لشعوب تلك القارة التي أصبحت في موقف صعب اقتصادياً من حيث امدادات الطاقة والغذاء
على الأقل.
ختاماً .. هذه الورقة البحثية ماهي الا
اجتهاد شخصي ومحصلة قراءات وتحليلات ورصد وحرص وطني أنشد من وراء كتابتها شحن
الهمم ، واستخراج طاقة ايجابية متفائلة تحث على العمل وخدمة الاوطان وبناء حياة
أفضل لأولادنا .
وللحديث بقية
طارق حسن
10 ديسمبر 2022
#ChinaArabSummit
#ChinaGCCSummit
#الحزام_والطريق
#الصين_العرب